الرئيسية »

الفريق الأهلي يجدد مطالبته ويؤكد على ضرورة العمل على الانفكاك الاقتصادي مع الاحتلال

الفريق الأهلي يجدد مطالبته ويؤكد على ضرورة العمل على الانفكاك الاقتصادي مع الاحتلال

على ضوء ما صدر من تصريحات لوزير المالية حول العجز المالي في الموازنة العامة للنصف الأول من العام 2021 والبالغ 470 مليون دولار، ومديونية الحكومة للبنوك والبالغة حوالي 2.3 مليار دولار، مع الإشارة إلى اختلاف الأرقام مع ما ورد من سلطة النقد حيث بلغ الدين العام خلال الربع الأول من العام 3.5 مليار دولار أي حوالي 11.8 مليار شيقل (مع العلم أن إجمالي الالتزامات المالية على الحكومة الفلسطينية حوالي 30 مليار شيقل تشمل الدين العام والمتأخرات)، وفي ظل تراجع المنح والمساعدات الخارجية، فإن الفريق الأهلي يرى بأن الحكومة الفلسطينية تعاني من عجز مزمن، وإشكاليات واضحة في تركيبة الموازنة العامة، وليست وليدة اللحظة، حيث أن تراجع المنح والمساعدات، لم يكن فقط خلال هذا العام، إذ أضحى واضحا التراجع في المنح والمساعدات منذ العام 2013، وبالتالي فإن سياسة المراهنة على المساعدات الدولية لم تعد مجدية، نظرا للتغير في الأولويات العالمية وفق المتغيرات والمعطيات السياسية الجديدة، وتحويل الدعم الخارجي للدول العربية الأخرى.

كما يؤكد الفريق الأهلي أن أحد أهم أسباب العجز في الموازنة تكمن في قنوات التسرب المالي ( يعرف التسرب المالي بالخسائر التي تتكبدها الخزينة العامة بفعل قرصنة الاحتلال للأموال الفلسطينية، سواء بسبب البنود المجحفة أم بسبب عدم التزام الجانب الاسرائيلي بالاتفاقية) والتي أثارها الفريق الأهلي عدة مرات، مطالبا بضرورة العمل على خطط الإنفكاك الاقتصادي، حيث أشار الفريق الأهلي في تقرير قد أصدره حول  مجالات التسرب المالي بإن قيمة ما تخسره الخزينة العامة سنويا تبلغ 509 مليون دولار.

وعليه فإن الفريق الأهلي يوصي باتخاذ الإجراءات التالية لمعالجة الأزمة المالية المزمنة:

أولا: زيادة الإيرادات، والحد من التسرب المالي

يرى الفريق الأهلي أن هناك مجالات لزيادة الإيرادات، من خلال معالجة ظاهرة التهرب الضريبي والتسرب المالي، حيث تبلغ قيمة التسرب المالي 509 مليون دولار سنويا، ناتجة عن  البنود المجحفة في الاتفاقية الاقتصادية (بروتكول باريس) من وجهة نظر اقتصادية تقنية بحتة، وعن الخروقات الاسرائيلية لبنود الاتفاقية، وعدم الالتزام بالتنفيذ. وفي تقرير أثاره الفريق الأهلي حول مجالات التسرب المالي تبين أن الخزينة العامة تخسر ما يلي سنويا:

  • الاستيراد غير المباشر، أي عن طريق الجانب الإسرائيلي، 30 مليون دولار
  • العمولة الإدارية وهي العمولة التي يتم خصمها من المقاصة من قبل الجانب الاسرائيلي مقابل جباية الضرائب والبالغ 3%، والتي يجب ألا تتجاوز 0.6 بحسب الأبحاث الاقتصادية والتقارير الدولية، فإن الخزينة العامة تخسر 40 مليون دولار سنويا
  • التهرب والتهريب الجمركي، بسبب آلية المقاصة، 152 مليون دولار
  • الضرائب والرسوم على المحروقات، بسبب فرض عمولة إدارية على مشتريات المحروقات، 22 مليون دولار
  • ضريبة المغادرة، بسبب عدم تقاسم الجانب الاسرائيلي مع الجانب الفلسطيني عوائد رفع قيمة ضريبة المغادرة، 22 مليون دولار
  • ضرائب العمال الفلسطينيين في الداخل المحتل، بسبب عدم تحويل الضرائب ( ضريبة الدخل، ضريبة المعادلة)، 223 مليون دولار
  • الأعمال التجارية الاسرائلية في مناطق ج، بسبب عدم تحويل ضرائب الدخل والقيمة المضافة والأملاك، 20 مليون دولار.

كما يرى الفريق الأهلي أن منظومة التشريعات المطبقة، تبدو في عدد منها قاصرة عن معالجة أسباب التسرب المالي، والعقوبات التي اشتملتها تلك القوانين بحق المخالفين تبدو غير رادعة. إضافة إلى أن بيئة العمل في المؤسسات والأجهزة الرقابية والأمنية المكلفة بتطبيق القانون، تبدو غير ملائمة ومحدودة الفعالية، في محاربة التسرب المالي، في ظل ضعف الإمكانيات المادية والبشرية واللوجستية، التي تعتبر متطلبات وشروطا مهمة وأساسية في مجابهة ظاهرة التسرب المالي، والقنوات والأنشطة المؤدية لاستمرار هذه الظاهرة وتفاقمها.

وفي جانب آخر يرى الفريق الأهلي أنه لا زال هناك إشكالية تتعلق في توسيع القاعدة الضريبية، فلا يلاحظ أي تغيير على قيمة الإيرادات الضريبية بالمقارنة مع السنوات الماضية، باستثناء العام الماضي (عام الكورونا) وبالتالي لا تظهر جدية التوجه نحو توسيع القاعدة الضريبية.

وعليه يرى الفريق الأهلي أن يجب العمل على

  • التفكيك التدريجي لقنوات التشابك مع الجانب الإسرائيلي، مما يتطلب مراجعة السياسات والتوجهات الفلسطينية التقليدية الداعمة أساساً للارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي
  • إقرار رزمة القوانين المحلية المحفزة للاستيراد المباشر والإنتاج المحلي والتصدير
  • تفعيل التفاهمات التي وصلت مراحل متقدمة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في العام 2012 بشأن (1) آلية المقاصة واعتماد حجم التجارة الفعلي، وليس فواتير المقاصة التي يمتلكها كل طرف، من أجل تحديد قيمة أموال المقاصة الناجمة عن التبادل التجاري بين الطرفين. (2) إنشاء مخازن (Bonded) خاصة بالبضائع المستوردة إلى الأراضي الفلسطينية في مناطق حدودية تحت إشراف مشترك، وغيرها من الجوانب الهامة والمؤثرة على ظاهرة التسرب المالي.
  • إنشاء صندوق للضمان الاجتماعي، للبدء بتحويل مستحقات العاملين الفلسطينيين في إسرائيل لذلك الصندوق، للحد من التسرب الناجم عن علاقات العمل بالجانب الإسرائيلي، وإدراج مستحقات العاملين
  • إعادة هيكلة المؤسسات والأجهزة المناط بها تطبيق القانون والحد من التسرب المالي. ومن أبرز هذه المؤسسات، الإدارات الضريبية في وزارة المالية، وجهاز الضابطة الجمركية، ومؤسسة المواصفات والمقاييس. كما تتضمن إعادة الهيكلة؛ وجود أنظمة ولوائح واضحة ومساندة لعمل هذه المؤسسات، ورفد تلك المؤسسات بالكوادر البشرية والاحتياجات المالية واللوجستية اللازمة في تنفيذ مهامها والقيام بدورها
  • العمل على توسيع القاعدة الضريبية، وتحسين الجباية الضريبية ووضع الخطط لمعالجة ظاهرة التهرب والتسرب المالي

ثانيا: ضرورة إعداد خطة شاملة للترشيد

يرى الفريق الأهلي أن النفقات لا زالت مرتفعة، ولا زال هناك إشكالية في توزيع الموازنة، إذ أن القطاع الأمني لا زال يستحوذ على النصيب الأكبر، ولا زال هناك ترقيات وتعيينات جديدة في القطاع الأمني في ظل التضخم الوظيفي. كما لا زال هناك نفقات غير مبررة  وترفية، في الوقت الذي يتعاظم العجز في الموازنة العامة، وعليه يطالب الفريق الأهلي بالعمل على إعداد خطة واقعية وشاملة للترشيد، تراعي خصوصية كل مركز مسؤولية، على أن يتم العمل وفق ما يلي: 

  • العمل على ترشيد النفقات، وإعادة ترتيب الأولويات، والالتزام بما صدر في قانون الموزانة العامة 2021
  • معالجة التضخم الوظيفي وفاتورة الرواتب والأجور، ووقف التعيينات والترقيات في الأجهزة الامنية
  • العمل على تدوير الكوادر في الأجهزة الامنية، ورفدها لكل من جهاز الضابطة الجمركية والشرطة
  • العمل على التخلص وبشكل نهائي من بند صافي الإقراض والذي يستنزف حوالي مليار شيقل سنويا  من خلال العمل على تحسين آليات احتساب الأموال المقتطعة من الجانب الإسرائيلي، وتدقيق الفواتير، بحيث لا يتم الخصم من المقاصة إلا وفق الاتفاقيات والتفاهمات المبرمة، خاصة في مجال الكهرباء، وعدم خصم الفواتير قبل استحقاقها، وعدم تحميل بنود على صافي الإقراض.
  • تكييف النفقات وفق الإمكانيات المتاحة دون التعويل على المساعدات الخارجية التي اتضح انها في تضاؤل وفقا لتغير الاجندات السياسية العالمية والأولويات
  • ضرورة التغيير التدريجي لسيطرة النفقات التشغيلية على النفقات التطويرية، وتوجه النفقات إلى المشاريع التي تجلب الاستثمارات لزيادة الإنتاج والصادرات والتشغيل في القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية، وبالتالي زيادة إيرادات الجباية المحلية للحكومة حيث أن أحد أهم أدوات الحكومة هو صندوق الاستثمار الفلسطيني.

 

ثالثا: الالتزامات المالية غير المسددة المترتبة على الحكومة الفلسطينية

يرى الفريق الأهلي أن هناك تفاقم للالتزامات المالية المترتبة على الحكومة، وتلاعب من الحكومة الفلسطينية في إظهار بيانات الدين العام، حيث أن احتساب الدين العام لا يشمل المتأخرات، والتي هي بالنهاية تشكل التزامات على الحكومة، الأمر الذي يظهر الدين أقل من الحد المسموح وفق قانون الدين العام، إلا ان رصيد الالتزامات المترتبة على الحكومة بالاجمال تجاوز الحد القانوني المسموح به وفق قانون الدين العام.

كما أشار وزير المالية أنه مديونية الحكومة للبنوك قد بلغت حوالي 2.3 مليار دولار، أي ما نسبته 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن الارقام الواردة في تقرير سلطة النقد مختلفة نسبيا، إذ أشار التقرير إلى أن إجمالي الالتزامات المالية المترتبة على الحكومة الفلسطينية بلغت حوالي 30 مليار شيقل، أي ما نسبته 53% من الناتج المحلي الاجمالي، بما يشير إلى تجاوز الحد المسموح وفقا لقانون الدين العام، تتوزع الالتزامات ما بين إجمالي تراكم المتأخرات والذي بلغ 18 مليار شيقل، والتي تمثل الالتزامات المالية المؤجل دفعها، سواء للقطاع الخاص، أو لصندوق التقاعد (أي مساهمات موظفي القطاع العام لصالح صندوق التقاعد والتي لا يتم تحويلها) او كرواتب وعلاوات ونفقات اخرى. إضافة إلى إجمالي الدين العام والذي بلغ حوالي 11.8 مليار شيقل والذي يشكل ما نسبته 22.2% من الناتج المحلي الاجمالي، تتوزع ما بين الدين الداخلي والذي شكل ما نسبته 62.9% والدين الخارجي 37.1%.

وتشير تقارير إئتلاف أمان أن بلغ إجمالي الديون المترتبة على الحكومة لصالح صندوق التقاعد تشكل ما نسبته 50% من إجمالي المتأخرات، اي ما يقارب 9 مليار شيقل، الامر الذي يشكل خطرا على استدامة الصندوق، ويؤثر على قدرته المالية للاستثمارات والالتزام بدفع مستحقات المتقاعدين

وعليه يوصي الفريق الأهلي بالعمل وفقا لما يلي:

  • الحد ما أمكن من الاقتراض لأغراض تمويل نفقات جارية استهلاكية مثل الرواتب والأجور، وكذلك الحد من الاقتراض بشروط صعبة وتكاليف مرتفعة، بحيث تخصص القروض لمشاريع استثمارية وتطويرية ذات جدوى وعوائد قادرة على سداد أصل الدين والفوائد، أو لتطوير مشاريع البنية التحتية لتحفيز الاستثمارات الخاصة التي تعمل على زيادة الطاقة الإنتاجية للاقتصاد خاصة في القطاعات الإنتاجية الزراعية والصناعية
  • وضع  خطة حكومية عبر تدخل سياساتي لمعالجة مسألة الديون المتراكمة على الخزينة العامة لصالح هيئة التقاعد، وبهدف ضمان ديمومة عمل هيئة التقاعد واستمرار صناديق التقاعد وقدرتها على دفع الرواتب التقاعدية مستقبلا للمشتركين عند وصولهم لسن التقاعد بحيث تتضمن انتظام الدفع الكامل لقيمة الاشتراكات والمساهمات الخاصة بتقاعد العاملين، ووضع خطة لجدولة الديون المتراكمة على الخزينة العامة بحيث تدفع على عدد من السنوات من خلال سداد المتأخرات أو الديون، وتأخذ بالحسبان الفوائد المالية على قيمة الدين وفقا لأحكام القانون