الرئيسية »

عدم التفرغ في الوظيفة والمناصب العامة - مدخل من مداخل تضارب المصالح

( مراجعة للواقع في السلطة)

يعتبر التفرغ في الوظيفة وبعض المناصب العامة احدى الضمانات الاساسية لحسن اداء الموظف العام والمسؤولين العامين وعدم تأثر المصلحة العامة بأية مصالح خاصة بالموظف. وبالتالي فإن عدم التفرغ في الوظيفة والمناصب العامة غالبا ما يمثل مدخل من مداخل تضارب المصالح، ومن هنا نجد ان النصوص القانونية بدرجاتها المختلفة وعلى رأسها القانون الاساسي تضمنت احكاما واضحة بتفرغ بعض شاغلي المناصب العامة لضبط هذه المسألة حيث أكدت الفقرة الثانية من المادة 80 من القانون الاساسي المعدل على انه:

"لا يجوز لرئيس الوزراء أو لأي وزير من الوزراء أن يشتري أو يستأجر شيئاً من أملاك الدولة، أو أحد الأشخاص المعنوية العامة ، أو أن تكون له مصلحة مالية في أي عقد من العقود التي تبرمها الجهات الحكومية أو الإدارية، كما لا يجوز له طوال مدة وزارته أن يكون عضواً في مجلس إدارة أي شركة أو أن يمارس التجارة أو أي مهنة من المهن أو أن يتقاضى راتباً أخر أو أي مكافآت أو منح من أي شخص آخر وبأي صفة كانت غير الراتب الواحد المحدد للوزير ومخصصاته"

وقد تضمن قانون واجبات وحقوق أعضاء المجلس التشريعي رقم (10) لسنة 2004م عدد من الاحكام ذات الصلة من ابرزها:

المادة 7 التي نصت على انه: "لا يجوز للعضو تولي أية أعمال وظيفية أو إستشارية لدى أية جهة كانت مقابل أجر".

والمادة 8 التي نصت على انه: "لا يجوز للعضو أن يكون عضوا في أي مجلس استشاري أو إشرافي أو إداري لأي من المؤسسات التابعة للدولة".

والمادة 9 التي نصت على انه: "فيما عدا منصب الوزير لا يجوز للعضو أن يجمع بين عضويته في المجلس وأية وظيفة في السلطة التنفيذية بما فيها وظيفة مستشار أو ما في حكمها".

كما أكد قانون الخدمة المدنية ولوائحه التنفيذية على هذا المبدأ في المادة 67 التي نصت على ان من بين المحظورات على الموظف العام:

"الجمع بين وظيفته وبين أي عمل آخر يؤديه بنفسه أو بالواسطة. وتحدد اللائحة التنفيذية لهذا القانون الضوابط والأحكام للأعمال التي يجوز للموظف أداؤها في غير أوقات الدوام الرسمية بما لا يضر أو يتعارض أو يتناقض مع الوظيفة أو مقتضياتها".

وقد اوضحت اللائحة التنفيذية لقانون الخدمة المدنية للعام 2005 الاحكام المتعلقة بالعمل الخارجي وفقا للاتي:

نصت المادة 83 من اللائحة على انه:

 "لا يجوز للموظف أن يعمل أو ينشغل بعمل خارج نطاق وظيفته بصفة دائمة أو مؤقتة إلا بموافقة رئيس الدائرة الحكومية المختص ويشعر الديوان به، ويسري ذلك على الموظف خلال فترة إجازته سواء بمرتب أو بدون مرتب. ولا يعتبر شراء الأسهم أو المساهمة في الشركات عمل خارج نطاق الوظيفة ما دام الموظف ليس فعالاً بأية صورة كانت في إدارة الشركة أو الشراكة".

وقد نصت المادة 84 من اللائحة على انه: "

  1. يقدم الموظف طلب الحصول على إذن بالعمل خارج نطاق الوظيفة في النموذج المخصص لذلك إلى رئيسه المباشر، الذي يوقع عليه بمدى استحقاقه ويحيله إلى وحدة شؤون الموظفين التابع لها الموظف، بعد موافقة رئيس الدائرة الحكومية المختص ويبلغ الديوان به، على أن تكون فترته لمدة لا تزيد عن سنة.
  2. على الموظف الذي يرغب بتجديد مدة العمل خارج نطاق الوظيفة أن يتقدم بطلب جديد.
  3. يجوز للديوان بعد مراجعة نموذج العمل خارج نطاق الوظيفة أن يطلب من رئيس الدائرة الحكومية المختص وقف العمل بالموافقة إذا كانت تخالف شروط هذه اللائحة.
  4. إذا قام الموظف بعمل خارج نطاق العمل الرسمي دون الحصول على إذن مسبق، يعاقب تأديبياً".

وقد حددت المادة 85 من اللائحة شروط منح الاذن للعمل الخارجي بالاتي:

  1. ألاّ يؤثر هذا العمل على واجبات وقدرات الموظف في نطاق عمله في مجال الخدمة المدنية أو يمس مركزه كموظف.
  2. ألاّ يرتبط هذا العمل بصورة مباشرة أو غير مباشرة بتأدية الموظف لمهامه المكلف بها.
  3.  ألاّ يرتبط الموظف مع أي فرد أو شركة أو مؤسسة لها ارتباطات مالية أو تجارية مع الدائرة الحكومية التي يعمل بها الموظف، أو مع أية دائرة حكومية أخرى له صلة معها في نطاق عمله في الخدمة المدنية.
  4.  ألاّ يكون في ممارسته هذا العمل أي ضرر أو تعارض أو تناقض مع الوظيفة أو مقتضياتها أو مع أنظمة الخدمة المدنية أو أي قانون آخر.
  5.  أن يكون العمل خارج نطاق الدوام الرسمي أو مكان عمل الموظف، وألا يستعمل ممتلكات أية دائرة حكومية في أداء هذا العمل.
  6.  ألاّ يزيد عدد ساعات العمل خارج نطاق الوظيفة عن ثلاث ساعات في اليوم الواحد، بحيث لا تتعدى تسعة ساعات في الأسبوع.

وقد اشتمل العديد من التشريعات الخاصة ببعض المؤسسات العامة على ضرورة التفرغ لرئيس المؤسسة كما هو الحال في قانون سلطة النقد رقم 2 لسنة 1997 الذي نصت المادة 28 منه على انه:

أ- على المحافظ ونائبه ان يتفرغا لعملهما في سلطة النقد ولا يجوز لأي منهما أثناء توليه وظيفته أن يقوم بأي عمل أو يشغل أي منصب أو وظيفة سواء بأجر أو بغير اجر، كما لا يجوز لأي منهما العمل في خدمة أي مؤسسة مصرفية أو مالية خلال سنة من ترك الخدمة في سلطة النقد.

ب- لا يجوز لأي من أعضاء المجلس أو العاملين في سلطة النقد ان يقبل أية هدايا أو معونة أو ائتمان لشخصه أو لأي شخص آخر تربطه به علاقة عائلية أو تجارية أو مالية إذا كان هذا القبول يؤدي أو يعطي الانطباع بأنه يؤدي إلى الإقلال من إخلاصه لواجباته

ج- لا يجوز لأي من العاملين في سلطة النقد أن يقوم بأي عمل آخر بأجر أو بدون اجر.

يثير موضوع التفرغ في بعض الاحيان اشكالات تنجم عن غياب النص القانوني او عدم وضوحه، ومن الامثلة على ذلك ان بعض التشريعات المتعلقة ببعض الاجهزة والجهات الرقابية لم تتضمن نصا صريحا بموضوع التفرغ، كما هو الحال في قانون مكافحة الفساد رقم 1 لسنة 2010 والذي خلى من النص على تفرغ رئيس هيئة مكافحة الفساد على الرغم من ان المبادئ العامة والاصول المتعارف عليها في منع حالات تضارب المصالح تقتضي بالضرورة عدم تولي رئيس الهيئة اية مهام او وظائف لدى اية جهة تخضع لرقابة الهيئة، كما هو الحال في قانون ديوان الرقابة المالية والادارية الذي نص صراحة في المادة 17 منه على منع رئيس الديوان ونائبه والمدير العام أثناء تولي المنصب من أن:

  1. يتولى أي وظيفة أخرى.
  2. يشتري أو يستأجر مالا من أموال السلطة الوطنية أو إحدى الشخصيات المعنوية العامة ولو بطريقة غير مباشرة أو بطريقة المزاد العلني ولا أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو يقايضها عليه.
  3. يشارك في التزامات تعقدها السلطة الوطنية أو المؤسسات أو الهيئات العامة.
  4. يجمع بين الوظيفة في الديوان وعضوية مجلس إدارة أي شركة أو مؤسسة أو هيئة حكومية أو غير حكومية. 

 

ومن الاشكالات التي يمكن ان تثار في هذا المجال، هو عضوية بعض الموظفين او المسؤولين العامين كممثلين عن الدولة في مجالس ادارة بعض المؤسسات العامة غير الوزارية او الشركات الحكومية او الشركات التي تساهم فيها الحكومة، خصوصا فيما يتعلق بتقاضي هؤلاء الموظفين لمكافآت تصل في بعض المواقع الى مبالغ كبيرة على الرغم من ان العمل التمثيلي مع تلك المؤسسات يتم اثناء اوقات الدوام، ما يؤدي الى ازدواجية في الحقوق المالية الوظيفية لهؤلاء الموظفين وينجم عنه صراع بين الموظفين للحصول على تلك المواقع التمثيلية للتمتع بالامتيازات الممنوحة.

ومن الاشكالات التي يمكن الاشارة اليها في هذا الصدد هو مفهوم العضوية في مجالس ادارة الشركات الذي اشارت اليه المادة 80 من القانون الاساسي المعدل بالنسبة لرئيس الوزراء والوزراء، فهل يمكن لعضو مجلس الوزراء الذي يكون عضوا في مجلس ادارة في شركة ما ان يقوم بالتفويض او التوكيل لشخص اخر للالتزام بهذا النص، ام ان مفهوم التفويض لا يصح في هذه الحالة لان التفويض وفقا للمبادئ القانونية العامة لا يلغي مسؤولية المفوض.  

واخيرا فإن من الاشكلات ايضا منح درجة الوزير لبعض المناصب التي لا يوجد معايير واشتراطات محددة لمنحها، ومن غير الواضح مدى تأثيرها على تفرغ من يمنح هذه الدرجة قياسا على منصب الوزير الذي اكد القانون على تفرغه.

وانطلاقا من تلك الاشكالات واهمية التفرغ في الوظيفة او المنصب العام كأحد الضمانات الاساسية لمنع حالات تضارب المصالح فإن مؤسسة امان ترغب في تسليط الضوء على هذا الموضوع وفتحه للنقاش مع خبراء وقانونيين متخصصين لوضع الحلول والتوصيات المناسبة. 

يمكن تحديد المناصب العامة بالاتي:

  • رئيس السلطة الوطنية ومستشاروه ورؤساء المؤسسات التابعة للرئاسة.
  • رئيس وأعضاء مجلس الوزراء.
  •  رئيس واعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني.
  • رؤساء مؤسسات الدولة والمؤسسات العامة غير الوزارية.
  •  أعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة.
  • رؤساء هيئات واجهزة الامن في السلطة الوطنية.
  •  المحافظون ورؤساء وأعضاء مجالس الهيئات المحلية.
  • السفراء والقناصل وكبار الدبلوماسيين.
  • موظفي الفئة الخاصة ممن يعين بدرجة وزير.