رؤية إئتلاف "بيان القدس"
حول الخطة الوطنية لمكافحة الفساد في فلسطين: المفهوم، ومتطلبات الإعداد
قامت الحكومة الفلسطينية بإعداد واقرار أجندة السياسات الوطنية، المواطن أولاً: 2017 – 2022" في عام 2017، واحتوت الأجندة على مبدأ تعزيز النزاهة والمساءلة والشفافية في ترشيد إدارة المال والشأن العام. وكترجمة لأجندة السياسات تم إعداد وإقرار مجموعة من الخطط القطاعية وعبر القطاعية، حيث تم إعداد وإقرار 19 خطة قطاعية و3 خطط عبر قطاعية.
بعد جهود قام ائتلاف امان بها تركزت على تقييم الخطة الاستراتيجية لهيئة مكافحة الفساد وفحص وتحليل مدى احتواء وتطبيق الخطط الاستراتيجية الوطنية القطاعية وعبر القطاعية لقيم النزاهة ونظم المساءلة ومكافحة الفساد، ومدى انسجام الخطط الاستراتيجية الوطنية القطاعية وعبر القطاعية للأعوام، مع ما احتوته أجندة السياسات الوطنية، من أولويات وسياسات تضمنّت مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة ومكافحة الفساد فيها، أظهرت عملية تقييم خطة هيئة مكافحة الفساد أنه لم يتم إعدادها وفقا للمعايير والمتطلبات الخاصة بإعداد استراتيجية وطنية عبر قطاعية لمكافحة الفساد، حيث لم يتم إقرارها طبقا لإجراءات الحكومة في إقرار الخطط الوطنية عبر القطاعية تواكب الأولويات الوطنية الخاصة بتعزيز الشفافية والمساءلة وتكافح الفساد، رغم أولوية ذلك ولم يتم الالتزام في إعداد هذه الخطة بالأمور الأتية: (أن يتم إعداد خطة وطنية عابرة للقطاعات وشاملة وموضوعية وتشاركية لمكافحة الفساد، يصادق عليها مجلس الوزراء تبعا للأصول المتبعة في إقرار الخطط الوطنية. ويشارك في إعدادها وتنفيذها والرقابة عليها إضافة للمؤسسات الرسمية، ممثلين عن المؤسسات الأهلية والقطاع الخاص، من خلال تشكيل فريق وطني للإشراف على وضع وتنفيذ وتقييم الخطة الوطنية لمكافحة الفساد برئاسة هيئة مكافحة الفساد.
كما أظهرت عملية الفحص والتحليل للخطط القطاعية وعبر القطاعية ضعف التضمين المُمَنهج لقيم النزاهة ومبادئ الشفافية ونظم المساءلة في تلك الخطط، بالرغم من تخصيص محور وأولويات وطنية وسياسات في أجندة السياسات الوطنية لتعزيز مبادئ الشفافية والنزاهة والمساءلة ومكافحة الفساد، وهذا مؤشر على أنه لم يتم التعامل مع كامل الأولويات الواردة في الخطط الاستراتيجية الوطنية من قبل فرق التخطيط، وتم التعامل مع القضايا المرتبطة بالشفافية والنزاهة والمساءلة كأولويات ثانوية.
ولأن مكافحة الفساد عملية شاملة لا تقتصر على جهة محددة تديرها، بل هي جهود وطنية متكاملة وتتقاطع مع جميع القطاعات وتخص جميع الفئات، ولان الفساد إذا ما استشرى يؤثر على كل مناحي حياة المواطن، لذا فمكافحة الفساد تحتاج الى جهود ومصادر وتضافر وتعاون وتواصل من ومع الجميع وعلى رأس هذا الجميع هو المواطن. وتتطلب سن وتطبيق القوانين، وبث الوعي والارشاد حول ماهية الفساد ونوعيتة وكيفية الابلاغ عنة ومكافحته، وأيضا تتطلب الاستثمار وبشكل مستدام في اجيال تستطيع الحفاظ والعمل للحفاظ على منع الفساد في المجتمع، بكافة اشكاله وأنواعه، وللقيام بكل ذلك، فأننا نحتاج الى خطة وطنية شاملة عبر قطاعية لمكافحة الفساد، لا تقتصر فقط على تعزيز الآليات الوقائية رغم أهميتها، بل يجب ان يتم تضمينها في كل السياسات والخطط القطاعية المختلفة.
ماهية الخطة الوطنية عبر القطاعية لمكافحة الفساد
الخطة الوطنية عبر القطاعية لمكافحة الفساد تعتبر إطارأ مرجعيأ لمجموع النشاطات والسياسات العامة المعتمدة لتحقيق الأهداف الخاصة بتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد، في إطار زمني محدد، وباستخدام الموارد المتوفرة، بما فيها التشريعات والموازنات والموارد البشرية، والتي يتوجب اعدادها بالمشاركة بين المؤسسات الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص، وتتضمن تحديدا للشركاء وادوارهم في تنفيذها، بالإضافة الى أليات وأدوات لتقييمها. ويجب ان تكون منسجمة مع أجندة السياسات الوطنية الفلسطينية والتي ترتكز على بناء مؤسسات الدولة وتعزيز قدراتها في أداء المهام والصلاحيات المنوطة بها من خلال الشراكة الكاملة والجهد الجماعي بين المؤسسات الحكومية مع هيئات الحكم المحلي ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية لتكون الشراكة حقيقية وتعكس مكونات المجتمع كافة بما يضمن انعكاس هذا التنوع في الخطة النهائية بعد عمليات التشاور المكثفة التي تتم. ويجب أن تتضمن الخطة الوطنية لمكافحة الفساد على عدة محاور رئيسية، في سبيل انفاذها بحيث تشمل بناء نظام نزاهة وطني قوي يحصن جميع الأطراف من الفساد ضمن المحور الوقائي، وتجريم وملاحقة للفاسدين واحضارهم للقضاء ومنعهم من الافلات من العقاب، كما تتضمن الخطة أيضا على التعاون الاقليمي والدولي لملاحقة الفارين من وجه العدالة ممن ارتكبوا أفعال فساد ونهب للمال العام من أجل استرجاع الاموال والاصول التي استولوا عليها بدون حق ضمن (المحور العلاجي).
وبالتالي، تشكل الخطة الوطنية اطارا عاما وشاملا يترجم الى خطط تشغيلية (تنفيذية) متسقة ومنسجمة معها تكفل تحقيق أهدافها من خلال برامج متنوعة تقوم الأطراف ذات العلاقة التي تنخرط في جهود مكافحة الفساد بالمشاركة في اعدادها وتنفيذها. كما تمكن الخطط التشغيلية من متابعة ورقابة دورية من قبل الشركاء لرصد مدى التقدم الحاصل في تحقيق الاستراتيجية، على أن ترفق بها مجموعة من مؤشرات القياس الذكية، الكمية والكيفية، ومن ثم وضع التدخلات اللازمة إن احتاج الامر من أجل تصويب أو تطوير أو إعادة النظر في بعض جوانب الخطة للوصول الى تحقيق الأهداف الاستراتيجية.
إطار عام لخطة وطنية شاملة لمكافحة الفساد
إن وضع خطة وطنية لمكافحة الفساد يتطلب توافر عدة امور منها:
2- شمولية مجالات العمل: بحيث تضمن تعزيز قيم النزاهة والعمل بموجب مبادئ الشفافية وتفعيل نظم المساءلة ووضع التدابير الوقائية والعقابية والتي تنطبق على الجميع.
3- توزيع الادوار بين الشركاء وتحديد مهام لكل منهم ومساءلته: ويكون ذلك بمشاركة الأطراف أولا بصياغة واعداد الاستراتيجية، ويكون ثانيا بمتابعة كافة الاطراف المشاركة في الخطة للقيام بدورها في انفاذ الخطة الوطنية.
4- توفير التمويل اللازم لتنفيذ الخطة الوطنية: بحيث يتم اعتماد موازنات ومخصصات واقرارها لصالح تطبيق وتنفيذ الخطة بالإضافة الى تأمين الموارد البشرية المؤهلة وتوفير التدريب المناسب لهم لضمان التطبيق الفعلي والفاعل للخطة.
5- خطة تشغيلية او خطة تنفيذية: يجب أن تكون معدة من قبل الأطراف الشريكة، ومعتمدة من جهة مرجعية، على ان يرفق بالخطة التشغيلية إطار زمني محدد،
6. خطة قياس وتقويم: بحيث يتم تحديد معايير القياس والمراجعة والرقابة والتقييم، متفق عليها ومقرة من كافة الأطراف.
خطوات إعداد الخطة الوطنية عبر القطاعية لمكافحة الفساد
أولا: مراجعة التشريعات ذات العلاقة
إن الانسجام والتكامل بين التشريعات فيما بينها من جهة، ومع القانون الأساسي الفلسطيني من جهة أخرى، واتفاقها مع المعاهدات والمواثيق الدولية التي وقعت عليها السلطة الوطنية الفلسطينية وألزمت نفسها بها، خاصة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، هو أمر ضروري وهام لضمان وجود تشريعات شاملة لتحقيق نظام النزاهة الوطني. ويتطلب ذلك إعادة النظر في جملة القوانين التي تتعلق بالفساد وافعاله واشكاله وتحصين المجتمع والمؤسسات والموظفين العموميين من ارتكاب أفعال الفساد، وبما يخدم تحقيق قيم النزاهة ونظم المساءلة سواء بسن القوانين أو بالتعديل عليها لتصبح متلائمة ومتناغمة مع القانون الأساسي والاتفاقيات الدولية الموقعة من قبل السلطة الفلسطينية.
ثانيا: تشكيل فريق وطني للإشراف على وضع وتنفيذ وتقييم الخطة الوطنية لمكافحة الفساد:
تتمثل أفضل الممارسات الفضلى في هذا المجال بصدور قرار رئاسي أو من مجلس الوزراء يقضي بتشكيل فريق عمل وطني لإعداد وتنفيذ خطة وطنية فلسطينية شاملة لمكافحة الفساد ، بحيث يتم تنسيب أعضاء الفريق من هيئة مكافحة الفساد شرط أن يكونوا من الخبراء والمختصين في مجال مكافحة الفساد أو الاصلاح أو الحكم الرشيد. ويضم في عضويته الشركاء الأساسيين في جهود مكافحة الفساد من الأطراف الرسمية من الوزارات والادارات العامة الأساسية التي يتم اختيار ممثليها للفريق ويتم مراعاة أن يكونوا من ضمن الأطراف المناط بها التخطيط وتحتل مواقع ذات علاقة باتخاذ القرار، وبالإضافة الى الممثلين الرسميين يتم ضم ممثلين عن منظمات المجتمع المدني من منظمات أهلية واعلام ومؤسسات حقوقية، علاوة على ممثلين من القطاع الخاص ذات العلاقة في تعزيز النزاهة والحوكمة ومكافحة الفساد. ويناط بهذا الفريق إعداد الخطة الوطنية الشاملة لمكافحة الفساد بما فيها من مؤشرات الأداء وأدوات التقييم، ويتم تحديد مسؤولية ودور كل طرف في التفيذ وتخصيص مهام له للقيام بها وفقا لإمكاناته وخبراته المقرة عن الجهة المسؤولة عن هذه المؤسسة باعتبار ذلك التزام رسمي بالمهام التي تناط بالمؤسسة تنفيذها. ومن أجل منح المزيد من الأهمية لهذا الفريق يتم المصادقة على الخطة طبقا للإجراءات المتبعة وبروتوكولات التوقيع والمصادقة على أي خطة وطنية عبر قطاعية شبيهة بحيث تضاف الى الخطط الوطنية المقرة.
رئاسة الفريق الوطني:
ثالثا: تحليل السياق العام والبيئة العامة لواقع النزاهة ومكافحة الفساد
تنفيذ دراسات وأبحاث متخصصة تقوم على دراسة الواقع الحالي لجهود مكافحة الفساد ولواقع النظام الوطني للنزاهة، وتحليل البيئتين الخارجية والداخلية الخاصة بتعزيز نظام النزاهة الوطني وترسيخ سيادة القانون ومكافحة الفساد. وهذا أمر مهم لتحديد طبيعة البيئة العامة السياسية والاجتماعية والاقتصادية إن كانت مساعدة ومواتية لمكافحة الفساد، او أنها متضادة وغير مشجعة لجهود مكافحة الفساد، وتحديد العراقيل والتحديات التي يفرزها الواقع السياسي والاقتصادي المعاش على جهود مكافحة الفساد من أجل تقديم معالجات وتدخلات محددة، وتقديم توصيات عملية وواقعية قابلة للتطبيق، وبما يمكن أن يؤثر ويؤدي الى تعديل في بعض الخطط والفعاليات والنشاطات المقررة سلفا. فالخطة التنفيذية يجب ان تمتاز بدرجة معقولة من المرونة.
تأسيسا على أهمية دور الثقافة المؤسساتية في حماية المؤسسات من ظواهر للفساد وأشكاله، خاصة في ظل مساندة الإجراءات والأنظمة المختلفة التي تعمل المؤسسة في سياقها. فإن أي برنامج يتعلق ببناء القدرات المؤسساتية من المهم أن يتضمن مجموعة من الآليات المتكاملة التي يؤدي تطبيقها إلى توفير بيئة محصنة من الفساد داخل المؤسسات العامة.
يعتبر الوعي العام والثقافة المجتمعية القاعدة التي ترتكز عليهما أعمدة نظام النزاهة، وهي التي تحدد بالدرجة الأولى مدى انتشار الفساد في المجتمع، وذلك من منطلق أن معظم القائمين على مؤسسات العمل العام هم جزء من المجتمع وأن وعيهم وثقافتهم هي امتداد لثقافة الأسرة والمدرسة والشارع والأطر الاجتماعية والسياسية. وهذا يطرح تحد يمكن تجاوزه بأن يتم التركيز على التداخلات القائمة بين الوعي وبين جميع أعمدة نظام النزاهة كما هو الحال في التشريعات والرقابة وبناء القدرات للمؤسسات بما يشمله من الآليات المتكاملة والتي تساهم في تحقيق اهتمام عالٍ عند جميع المواطنين في تحصين أنفسهم أولاً ومن ثم تحصين مجتمعهم من أي ظواهر ترتبط بالفساد، من خلال:
يجب ان تتم عملية تقييم ومتابعة الخطة الوطنية من قبل لجنة مستقلة بما يكفل مشاركة جميع الجهات ذات العلاقة بعملية التقييم والمتابعة على ان تكون هذه الخطة قصيرة المدى حتى تسد الثغرات التي يمكن أن تظهر مع العمل على علاج تلك الثغرات وتجاوزها
يضم ائتلاف بيان القدس المؤسسات التالية: القوى الوطنية والاسلامية يمثلها السيد واصل ابو يوسف، الهيئة المستقلة لحقوق الانسان، شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية، مجلس منظمات حقوق الانسان، اتحاد الجمعيات الخيرية الفلسطينية، نقابة المحامين الفلسطينيين، نقابة الصحفيين الفلسطينيين، الاتحاد العام للنقابات العمالية المستقلة في فلسطين، اتحاد الغرف التجارية الصناعية الزراعية الفلسطينية، مؤسسة الحق، مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الانسان، المبادرة الفلسطينية لتعميق الحوار العالمي و الديمقراطية "مفتاح"، معهد مواطن - جامعة بيرزيت، بيالارا، مركز ابداع المعلم، مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية شمس، مركز الدفاع عن الحريات والحقوق المدنية"حريات"، مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب، معهد اريج، الهيئة الاهلية للإستقلال القضاء، المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الاعلامية (مدى)، اتحاد لجان العمل الصحي، مركز بيسان، مركز تطوير المؤسسات الاهلية. والائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة "أمان".